علاج سرطان الرئة المكتشف بالفحص
يتم تقييم الحالات التي يثبت لديها المرض باستخدام منهجية تنطوي على عدة تخصصات وعلى يد فريق يتألف من أطباء أشعة وجراحين صدر وأخصائيين في أمراض الجهاز التنفسي، وذلك ضمن برامج الفحص وفقاً للإرشادات التوجيهية الدولية (الجمعية الدولية لدراسة سرطان الرئة، جمعية السرطان الأمريكية، الشبكة الوطنية لمكافحة السرطان الشامل).
ويتم التواصل مع المرضى الذين تتشخص حالتهم بالإصابة بعقيدات رئوية مشتبه في أن تكون سرطان الرئة عبر الهاتف من جانب جراح الصدر لإطلاعهم لأول مرة على نتائج فحوصات التصوير المقطعي، ثم يتم بعدها تحديد موعد لإجراء مقابلة بالعيادة الخارجية لمناقشة التدخلات التشخيصية والعلاجية المحتملة وفقاً لمخطط نظام الرعية الصحية الوطني يسبقها اختبارات كافية بالعيادة الخارجية لتحديد مرحلة الورم وتقييم وظائف القلب والجهاز التنفسي.
يتم استئصال العقيدة الرئوية والمريض تحت تخدير كامل في غياب تشخيص ما قبل العملية وذلك من خلال أسلوب يتطلب تدخلا جراحياً بسيطاً موجه بالفيديو مع إجراء اختبار أثناء سير العملية باستخدام ميكروسكوب للحصول على تشخيص الفحص النسيجي.وفي حال سرطان الرئة، يتم إجراء جراحة استئصالية تقليدية للفص أو جراحة تحفظية لاستئصال الرئة (استئصال جزئي) باستئصال العقد اللمفاوية من خلال تقنية آلية تتطلب جراحة بسيطة أو يُفضل الاستعانة باستئصال صدري جانبي يحافظ على العضلات. ويتم اللجوء إلى استئصال تحفظي غير تقليدي في الحالات التي يكون بها الاحتياطي القلبي التنفسي غير كافياً، وذلك عندما يكون موقع العقيدة وحجمها يسمحان بذلك.
وتسمح إمكانية إجراء عمليات جراحية تتطلب تدخلاً بسيطاً (بمساعدة الروبوتات في المراكز المجهزة بهذه التقنية) بإجراء عمليات تحفظية لمعظم المرضى المصابين بالسرطان في مراحله المبكرة.
العلاج الجراحي لسرطان الرئة
العلاج الجراحي هو العلاج المفضل للمرضى المصابين بسرطان الرئة النقيلي ذي الخلايا غير الصغيرة في المراحل الأولية من المرض.
تكون عمليات الاستئصال الكلي للأورام بشكل عام ممكنة في المرحلتين الأوليتين الأولى والثانية.ويلزم حينها استئصال العقد اللمفاوية المنصفية من أجل تحديد مرحلة المرض جراحياً وباثولوجياً بدقة (استئصال سلسلة من الغدد اللمفاوية الواقعة في الفراغ ما بين الرئتين التي يطلق عليها اسم منطقة المنصف إلى جانب الفص الرئوي). ويتعين تعريض المرضى الخاضعين لعمليات جراحية لأغراض علاجية لبعض الاختبارات الوظيفية للرئة قبل العلاج (قياس التنفس، تحليل غازات الدم، التصوير الومضاني الرئوي) إلى جانب التقييمات القلبية والمرتبطة بالتخدير من أجل استبعاد الحالات التي قد لا تتحمل التدخل الجراحي من إجراء العمليات الجراحية.
النسبة للمرحلة الثالثة أ، يعد وجود النقائل في العقد الليمفاوية المنصفية (N2) من موانع الاستعانة بالجراحات الأولية على الرغم من إمكانية إجرائها من الناحية الفنية. وتوصي المعايير الدولية باللجوء إلى العلاج الكيميائي وحده مع هذه الحالات أو العلاج الكيميائي/الإشعاعي قبل الجراحة لأغراض التوصل للعناصر العلاجية الجديدة مع بعض الحالات الأخرى.
المراحل الثالثة ب إلى الرابعة تُعتبر غير قابلة لإجراء الجراحة عليها.
أنواع الجراحة المجراة هي:
استئصال الرئة
استئصال جزئي الفص الأيمن
استئصال الفص
استئصال جزئي.
يعني مصطلح "استئصال الرئة وجزء من الشعب الهوائية (sleeve resection)" الاستئصال الجزئي لقصبة هوائية رئيسية مع إعادة بناء المسار الرغامي القصبي.وفي حالات الأمراض القلبية الرئوية التي لا يُنصح معها اللجوء إلى استئصال الفص ومع المرضى المصابين بالآفات الطرفية الصغيرة (T1، N0)، فيمكن حينها اللجوء إلى استئصال جزئي غير تقليدي يُسمى "الاستئصال الإسفيني".كما أن التدخل الجراحي الاختياري هو استئصال الفص مصحوبًا باستئصال العُقَدُ اللِّمْفِيِّةُ المَنصِفِيّة.
لقد شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا كبيرًا في معدل الوفيات ما بعد هذه التدخلات الجراحية، حيث تراجع لنحو 6% لعمليات استئصال الرئة و3% لعمليات استئصال الفصل وأقل من 1% لعمليات الاستئصال البسيطة.
ومن الجدير بالذكر أن الهدف من استخدام العلاج الكيميائي بعد العمليات الجراحية للمرضى الذين يخضعون لعمليات جراحية من المراحل I-II-IIIA هو زيادة فرص عدم ظهور المرض مجددًا. ويجب الاحتفاظ بهذه الطريقة للمرضى غير المسنين وغير المصابين بأمراض مزامنة ممن يتمتعون بجهاز تنفسي جيد جدًا مع عدم حصول مضاعفات بعد الجراحة.
العلاج الجراحي لسرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة
يعتبر سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة (SCLC) مرضًا مجموعيًا (جهازيًا) (محتمل أن يكون واسع النطاق أو قابل للانتشار) بالفعل عند تشخيصه حتى وإن كان في مرحلة محدودة. ولهذا السبب, العلاج الجراحي (وهو علاج موضعي) ليس علاجاً مفضلاً, حتى في الأشكال القابلة للتدخل الجراحي من الناحية الفنية.
نظرًا لارتفاع مؤشر نسخ الخلية، فإن سرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة هو سرطان حساس للعلاج الكيميائي بشكلٍ خاص ولذلك السبب يؤدي العلاج الكيميائي دورًا أساسيًا وأصبح يُستخدم بصورة متزايدة مع مرور الوقت. كما أن سرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة (SCLC) شديد الحساسية للأشعة. ويوصى باستعمال العلاج الإشعاعي للأغراض العلاجية بأشكال محدودة بالاشتراك مع العلاج الكيميائي. ويوصى باستخدام التشعيع القحفي الوقائي (من أجل منع تكون الانبثاث) للمرضى الذين يعانون من سرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة (سواء المحدود أو المتمدد) استجابة للعلاج الإشعاعي-الكيميائي على أساس وجود احتمالية كبيرة من أن يصبح الدماغ موقعًا للمرض.
قد يُستخدم العلاج الإشعاعي لأغراض علاجية أو ملطفة. والمرضى المرشحون لتلقي المعالجة الشافية هم أولئك الأفراد المصابين بسرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة الموضعي (المرحلة الأولى والثانية)، ممن يتعذر علاجهم جراحيًا بسبب أمراض مصاحبة. وفيما يخص هذه المراحل المبكرة، غير القابلة للجراحة لأسباب طبية (مراضة مصاحبة)، يخضع استخدام العلاج الإشعاعي المجسم (أو الجراحة الإشعاعية) للبحث والتجربة، ويبدو أنه يقدّم نتائج أفضل عن العلاج التقليدي. كما يجب إدراج العلاج الإشعاعي مع العلاج الكيميائي في برنامج معالجة مشتركة وذلك في حالات الإصابة من المرحلة "الثالثة ب". ويمثل الانتكاس داخل الصدر بعد الجراحة وحدها مؤشرًا محتملًا آخر للعلاج الإشعاعي للأغراض العلاجية.
يهدف العلاج الإشعاعي الملطف إلى التحكم في الأعراض التي يمكن تحديدها من خلال الورم الأولي (نفث الدم، ألم في الصدر، متلازمة بانكوست، متلازمة المنصفية) أو الانبثاث (الألم من انبثاث العظام، توَضُّع داخل الجمجمة)، وبالتالي تحسين نوعية الحياة.
الجراحة المحافظة لسرطان الرئة
صمم المعهد الأوروبي للأورام تجربة عشوائية متعددة المراكز ويتولى تنسيقها بهدف بيان التكافؤ ما بين استئصال الفص مع استئصال العقدة الليمفية والاستئصال الجزئي (استئصال قطعة من الفص) دون استئصال العقد الليمفية، وهي العملية التي يتم أداؤها من خلال تنظير الصدر أو جراحة روبوتية في حالات الأورام الصغيرة (المرحلة 1، أقل من 2 سم، دون التأثير على العقد الليمفية على النحو المبين من خلال التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني والتصوير المقطعي المحوسب).
ومن المأمول أن تبين هذه التجربة أن فرص التماثل للشفاء واحدة لنوعي العلاج في حين تكون منافع نوعية الحياة أفضل بصورة واضحة في حالة استئصال قطعة واحدة.
كما أن الروبوت هو الأداة المثالية للجراحة المحافظة نظرًا لأنه يعزز قدرة الجراح ويزيد من قدرة الحواس (الرؤية ونطاق الحركة). تهدف دراسة متعددة المراكز إلى مقارنة نتائج نوعية الحياة والمراضة وآلام ما بعد العملية الجراحية لدى المرضى الذين يخضعون لجراحة الصدر الروبوتية وجراحة الصدر القياسية باستخدام تنظير الصدر بالفيديو التقليدي. وسوف تُجرى الدراسة بتعاونٍ بين قسم جراحة الصدر بالمعهد الأوروبي للأورام وبعض مراكز التكنولوجية الروبوتية الأمريكية البارزة.